بين فترة وأخرى، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، نسمع أخباراً عن تغيير الأندية لشعاراتها، وفي معظم الأحيان وخصوصاً في أوروبا تلقى هذه القرارات الإدارية احتجاجات جماهيرية. فلماذا تتجه الأندية لاتخاذ قرارات تتعلق بتغيير شعارها؟
سنحاول معكم هنا في خزينة الكرة ملامسة أهم الأسباب التي تدفع الأندية لتغيير أو تجديد شعاراتها.
في البداية، لنتفق أن معظم شعارات الأندية الحالية هي ليست ذات الشعارات التي صممت عند تأسيس النادي، فمعظم الشعارات مرت بتغييرات جذرية. وهذا سبب أول للتغيير اليوم، فالشعار المصمم في خمسينيات القرن الماضي لم يكن مناسباً في الثمانينيات، وشعار التسعينيات قد لا يفي بمتطلبات العصر الحالي.
أبرز متطلبات العصر الحالي هي أن يكون الشعار قابلاً للاستخدام الرقمي، سواء في مواقع الانترنت أو التطبيقات أو شبكات التواصل الاجتماعي. فالشعار اليوم لم يعد مجرد شعار يوضع على صدر قمصان اللاعبين وأعلام الجماهير، فهو أصبح يمثل هوية بصرية وعلامة تجارية للنادي. الشعار المطور ينبغي أن يكون سهل الاستخدام كأيقونة على سبيل المثال. وفي حال وجوده بحجم صغير في زاوية صفحة على الإنترنت فإنه يجب أن يظهر التفاصيل التي تمثل عناصر شعار النادي.
إضافة لذلك، فالأندية تنظر لشعارها كأكثر من مجرد شعار، فهو جزء من هويتها وشخصيتها، وبما أن الأندية تنظر للتوسع كجزء من استراتيجياتها عموماً، فإن ذلك يتطلب أن تتماشى مع أذواق الأجيال الجديدة، فبعد عدة سنوات ستبدو شعارات مانشستر يونايتد أو برشلونة مثلاً كشعارات قديمة لا تناسب الجيل الجديد الذي لا ينظر للشعار كشعار فقط، بل كرمز يعبر عن شخصية النادي، ما سيضطر هذه الأندية لتغيير شعارها عند ذلك الوقت.
فعلى سبيل المثال، آخر الأندية التي طورت شعارها كان نادي أتلتيكو مدريد، التغيير كان بسيطاً للمتلقي العادي، إلا أن انسيابيته وتغيير بعض التفاصيل تجعله أكثر قابلية للاستخدام الرقمي. الدب والشجرة تم تعديلهما وتكبير حجمهما نسبياً ليظهرا بشكل أوضح، علماً أنهما يرمزان لجزء من تاريخ النادي ومدينته.
باريس سان جيرمان نادي يعيش مرحلة جديدة من تاريخه مع هيئة قطر للاستثمار التي تملك النادي، وفي 2013 قرر النادي تغيير شعاره وتطبيق هوية بصرية جديدة، واصفاً الخطوة بأنها تعبير عن العمل الذي يتم القيام به على الأسس الاستراتيجية للعلامة التجارية لنادي باريس سان جرمان عبر وسائل إعلامه.
الشعار الجديد يعبر عن موقع النادي داخل تاريخ العاصمة باريس، حيث حرصت الإدارة على إبراز اسم مدينة “باريس” ونقل كلمة سان جيرمان للأسفل بخط أصغر، مع الإبقاء على رمز المدينة برج إيفل وزهرة الزنبق، وإزالة عنصرين من الشعار هما مهد الملك لويس وتاريخ تأسيس النادي. ويعتقد بعض المهتمين أن إزالة تاريخ تأسيس النادي هو كونه نادي صغير جداً من ناحية التأسيس، حيث تأسس في 1970 ما يجعله بعيداً عن المنافسة مع نظرائه من كبرى الأندية الأوروبية على صعيد الأقدمية. إضافة لذلك، فقد اختار النادي ألوان أكثر إشراقاً ورسماً أكثر انسيابية وبعناصر ثلاثية الأبعاد.
وعلى الرغم من أن تغيير الشعار ليس قرارا جماهيرياً بالعادة، بل قراراً إدارياً يتخذه مسيرو النادي بما يخدم أهدافهم الاستراتيجية، إلا أن بعض الأندية تشرك الجماهير في هكذا قرار، ففي نهاية الموسم الماضي كشف مانشستر سيتي عن الشعار الجديد بعد فترة تشاور وصلت إلى 30 يومًا، وسلسلة من المحاضرات عن تاريخ الشعارات من قبل خبير كرة القدم في مانشستر جاري جيمس، والتي حضرها الآلاف من الجماهير الذين أخبروا النادي برغبتهم عن كيفية تطوير الشعار والرموز الأساسية التي تمثل النادي ومدينة مانشستر كذلك في نظرهم. والنتيجة كانت في تصويت الأغلبية على التصميم الدائري للشعار، ولونه الأزرق. وكذلك حدد المشجعون أهم 3 عناصر للشعار وهي السفينة والأنهار الثلاثة والوردة الحمراء وهي جميعها عناصر ترمز لمدينة مانشستر وتاريخها.
وبالنظرة الأولى لشعار مانشستر سيتي الجديد يستطيع الشخص أن يقرأ بوضوح اسم مانشستر سيتي خلاف الشعار السابق، كما أن الشعار شبيه لدرجة كبيرة بأحد الشعارات القديمة للنادي. وهو يجعله مقارباً في التصميم لشعارات أندية نيويورك سيتي وملبورن سيتي الناديان الشقيقان لمانشستر سيتي ضمن مجموعة سيتي فوتبول غروب.
وفي بعض الأحيان يكون التغيير طفيفاً جداً، فنادي روما مثلاً، أعلن أنه سيعود لألوانه التقليدية وهما الأصفر والأحمر المعبران عن مدينة روما التاريخية، وذلك ابتداء من موسم 2017-2018، مؤكداً أنها ستشمل التشكيلة الكاملة من الشارات والعلامات التجارية، إضافة إلى المنتجات الرقمية والمادية. وهي مجرد درجة ألوان مختلفة عن الحالية، ومرتبطة أكثر بتاريخ النادي ومدينة روما وتعتمد على درجات ألوان “بانتون” المستخدمة عادة من قبل مدينة روما.
ومحلياً كذلك، اتجهت بعض الأندية خلال السنتين الماضيتين لتغيير شعاراتها، فنادي الاتحاد قام بتغيير لشعار النادي قبل بداية الموسم الماضي.
فيما قام نادي الاتفاق بتغيير شعاره وهويته تزامناً مع صعوده لدوري جميل، ووصفه بالشعار الذي سيخدم النادي على كافة الأصعدة الاحترافية واللوجستية والتسويقية.
ولا يقتصر التغيير على الأندية، بل حتى الدوريات الكبرى تنظر لهذا الجانب، فهذا الموسم هو الأول للبريميرليغ بلا راعي لمسمى الدوري. توجه رابطة البريميرليغ هو إبراز اسم البريميرليغ بدون شريك تجاري، فجاء القرار بإطلاق هوية جديدة. هوية البريميرليغ الجديدة حافظت من خلالها على وجود الأسد بلمسة عصرية، حيث يرمز الأسد لتاريخ وإرث هذه المسابقة، وقد روعي في تصميم الهوية أن تكون مرنة حين عرضها رقمياً أو عبر البث التلفزيوني، حيث يتسم الشعار الجديد للبريميرليج بالحداثة والمرونة والحيوية.
وشهد الأسبوع الماضي إعلان رابطة الدوري الألماني عن الشكل الجديد لشعارات الرابطة والبوندسليغا والبوندسليغا2. والتي سيبدأ استخدامها من الموسم المقبل 2017-2018، والتي تم تغييرها بشكل طفيف لتلائم الاستخدام الإلكتروني والرقمي. وتميز الشعار بوجود تصميم خاص بدوري الدرجة الثانية لتقوية علامته التجارية.
ومن واقع مشاهدة ما يجري حول العالم، وردود الفعل المعارضة والغاضبة من تغيير أو تطوير شعارات الأندية، نكتشف أنه وبعد عدة أشهر من التغيير الفعلي للشعار فإن لا أحد سيتذكر الجدل أو سيعارض التغيير، بل أن الأكثرية ستتقبل الشعار الجديد وتستسيغه.
وأنت عزيزنا القارئ، ما هي الأسباب التي تعتقد أنها تدفع الأندية لتغيير شعاراتها؟ شاركنا برأيك.