تبرز بين فترة وأخرى قضية دعم الحكومة الأسبانية لأنديتها، وتقوم خلالها المفوضية الأوروبية التي تتخذ من بروكسل مقراً لها بالتحقيق منذ فترة في مدى صحة هذا الأمر.
وترفض قواعد الاتحاد الأوروبي حصول الأندية على دعم حكومي ومساعدات من الدولة يتم تمويلها من ضرائب الشعب، شأنه شأن عدة قطاعات اقتصادية أخرى وذلك في سبيل االحفاظ على عدالة المنافسة.
وكالة أسوشيتد برس نشرت عبر موقعها تحقيقاً أشارت فيه إلى أنها اطلعت على عدة وثائق تؤكد وجود هذا الدعم الذي يأتي من منظمات وجهات حكومية في مختلف أقاليم أسبانيا بهدف دعم أندية هذه الأقاليم. وضربت عدة أمثلة حصلت فيها أندية أسبانيا خلالها على مئات الملايين من اليوروهات في أصعب فترة اقتصادية تمر بها البلاد.
ومنذ بداية الأزمة الاقتصادية في أسبانيا في 2008 وحتى 2012، تلقت الأندية الأسبانية المتواجدة في دوري الدرجة الأولى ما قيمته 332 مليون يورو على أقل تقدير كدعم حكومي مباشر توزع على الـ17 حكومة مناطقية. فيما تلقت مساعدات أخرى تقدر بـ476 مليون يورو بشكل غير مباشر، مثل تأخير التسامح في تأخير سداد الظرائب والديون. أي أن مجموع المساعدات الحكومية يصل إلى 810 مليون يورو بحسب تقرير أسوشيتد برس.
كما تحقق المفوضية الأوروبية في المزايا الضريبية التي تتمتع بها أندية ريـال مدريد وبرشلونة وأتلتيك بلباو وأوساسونا والتي تم تصنيفها منذ تأسيسها بكيانات تختلف تركيبتها عن باقي الأندية.
ومن الأمثلة التي توضح دعم الدولة للأندية هو ما قامت به حكومة فالنسيا التي ضخت قرابة 169 مليون يورو خلال فترة 2008-2010 لخزائن الأندية الـ4 الكبرى فيها وهم فالنسيا، فياريال، ليفانتي وإلتشي. وجاء هذا الضخ بأشكال مختلفة، كتوفير عقود رعاية من جهات حكومية، شراء حقوق تلفزيونية، وتقديم دعم.
وتثير أحد الحالات التي تمت في فالنسيا تساؤلات عديدة. حيث أبرم نادي فياريال عقدي رعاية في فترتين مختلفتين مع مطار “كاستيو” التابع للقطاع العام. المطار افتتح في 2011، وقام برعاية فياريال مرتين بين 2008-2011 دفع خلالها للنادي قرابة 20 مليون يورو. إلا أن الغريب هو في كون المطار يسمى بـ “مطار الأشباح” حيث أنه لم يشهد دخول أي راكب أو هبوط أي طائرة أو الاتفاق مع أي شركة طيران للهبوط فيه حتى الآن!
أما نادي ليفانتي فقد أبرم عقد رعاية لـ3 سنوات مع هيئة السياحة في فالنسيا مقابل 4.5 مليون يورو. وهذا بخلاف القروض التي تقدمها البنوك للأندية وبلغت 119 مليون يورو وكانت الحكومة في المدينة هي الضامن لها. واضطرت على إثرها لسداد 28 مليون يورو تعثرت الأندية عن سدادها في فترات متفاوتة.
وليس هذا فحسب، شبكة القنوات التلفزيونية العامة في فالنسيا وقعت مع أندية المدينة الأربعة عقود لنقل مبارياتهم حصرياً مقابل 128 مليون يورو. إلا أن الشبكة اضطرت للإغلاق وفقد آلاف الموظفين وظائفهم.
ومن الحالات التي تحقق فيها مفوضية أوروبا منذ فترة طويلة هي صفقة تبديل أراضي مطلع الألفية الجديدة قامت بها بلدية مدريد مع نادي ريـال مدريد وقدمت لها أرضاً في أحد أغلى وأرقى مناطق المدينة مقابل أرض كان يملكها النادي. مما ساهم بتحقيق النادي الملكي لأرباح عالية ساعدته في التوقيع مع نجوم كرة القدم في العالم في تلك الفترة.
ويعتقد أن من أشكال خرق الأنظمة تقديم جهات حكومية لمبالغ مقابل استخدام صور الأندية ونجومها في المجال التسويقي بشكل مبالغ فيه كما تعتقد المفوضية، وذلك بعد أن اطلعت على ما تجنيه الأندية من هذا الجانب مقارنة بميزانيات هذه الجهات.
وقال التقرير أن قناة TV3 الحكومية دفعت لنادي برشلونة حوالي 15 مليون يورو في الفترة ما بين 2008 و 2012 لتعرض شعارها على كتف النادي، ودفعت 10 مليون لنادي اسبانيول لنفس الغرض. على الطرف الآخر، دفعت حكومة مدريد 7 مليون يورو لمساعدة نادي رايو فاليكانو في بناء مركزاً للتدريب.
وتسمح الأندية في أسبانيا بدعم الحكومات المحلية لأنديتها شريطة أن تكون بشكل معقول، كتوقيع عقد رعاية يعكس قيمة السوق، وأن لا تؤثر في عدالة المنافسة التجارية أو الرياضية.
ولكن هذا الدعم يأتي أصعب فترات البلاد اقتصادياً، والتي تشهد تقليصاً في عدد المستشفيات وفقداً لعدد من الوظائف وتأخيراً لدفع أجور موظفي الدولة.
وتقدم معظم الدول دعماً لأندية كرة القدم بأشكال مختلفة، كبناء الملاعب مثلاً في إنجلترا وإيطاليا. أو بامتيازات ضريبية مثل موناكو، أو السماح لصناديق تتبع لحكومات بالاستثمار في الأندية. إلا أن الذي يشكل الفرق في أسبانيا هو كثرة الحالات التي تشهد دعماً يقدم للأندية فيها.