تفاعلاً مع عاصفة الحزم بادر الراعي الرسمي للدوري السعودي شركة عبداللطيف جميل وبتأييد من رابطة الدوري بتوجيه الأندية لوضع علم المملكة العربية السعودية (قبل أن تغير إلى شعار السيفين والنخلة) على أكتاف قمصانهم في الجولة القادمة من الدوري بدلاً من شعار دوري عبداللطيف جميل.
تبع ذلك إعلان من النادي الفيصلي بأنه والراعي المشارك شركة الدريس البترولية قد اتفقوا على استبدال شعار الأخيرة بشعار المملكة (سيفين ونخلة) على صدر قميص الفريق فيما تبقى من منافسات الدوري. فيما تداول أن النصر قد قرر ارتداء طقمه الثالث (الجيشي) تضامناً مع جنود الوطن، بينما أعلن النادي الأهلي عن تجهيز لوحة جماهيرية “تيفو” مؤيدة لقرار الملك سلمان التاريخي بالوقوف مع الأشقاء في اليمن في عملية عاصفة الحزم العسكرية.
القرارات والمبادرات قوبلت بسعادة كبيرة رافقتها أصوات تخشى أن يكون إجراء كهذا مخالفاً لأنظمة الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” الذي يحظر استخدام الملابس الرسمية للاعبين في إظهار أي رسائل سياسية.
في البداية دعونا ننظر لقواعد اللعبة المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم. وهي واضحة في هذا الشأن:
- المستلزمات الأساسية يجب أن لا تحمل أي عبارات أو صور أو رسائل سياسية أو دينية أو شخصية. النادي المخالف سيكون عرضة لعقوبة من منظم المسابقة أو الاتحاد الدولي.
- يجب على اللاعبين عدم الكشف عن ملابس داخلية تحمل عبارات أو صور أو رسائل سياسية أو دينية أو شخصية أو إعلانات خلاف شعار الشركة المصنعة. اللاعب أو النادي المخالف سيكون عرضة لعقوبة من منظم المسابقة أو الاتحاد الدولي.
من خلال متابعتنا، فإن الاتحاد الدولي يولي هذا الأمر أهمية كبرى، وذلك في إطار سعيه لأن لا تفقد كرة القدم حياديتها وهدفها. إلا أن تركيز الفيفا يكون حاضراً في المباريات الدولية التي تقع تحت إشرافه المباشر، والأمثلة على ذلك كثيرة. نذكر منها مثالين.
رسالة أرجنتينية .. وعقوبة
ضمن استعداداتهم لكأس العالم 2014، رفع لاعبو الأرجنتين في مباراة ودية ضد سلوفينيا لافتة أمام الجمهور كتب عليها: “لاس مالفيناس أرجنتينية”، في إشارة لقضية جزر فوكلاند التي تشكّل محطّ نزاع بين الأرجنتين وإنكلترا. مما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم لفتح تحقيق حول ذلك العمل الذي وصفه بالاستفزازي. وترتب عليه في نهاية الأمر توبيخ الاتحاد الأرجنتيني وفرض غرامة مالية عليه مقدارها 33 ألف دولار.
حل وسط مع الإنجليز
وفي مثال آخر، في 2011 قدم الاتحاد الإنجليزي طلباً للاتحاد الدولي كي يرتدي لاعبوه وردة حمراء على صدورهم في لقاء ودي ضد منتخب إسبانيا، وذلك إحياء ليوم ذكرى ضحايا الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولى. وبطبيعة الحال الفيفا رفض. ولكن الإنجليز استمروا بمطالباتهم وتصعد الأمر بتدخل الأمير ويليامز ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذين أبدوا للفيفا تفاجؤهم من القرار، فعاد الفيفا وقال:
“يؤسفنا إبلاغكم أن قبول طلبكم يعني فتح الباب لمبادرات شبيهة من جميع أنحاء العالم مما سيفقد كرة القدم حياديتها. لذلك، نؤكد لكم أن وضع الشعار المقترح لن يسمح به. هناك عدد من الخيارات الأخرى التي يمكن للاتحاد الإنجليزي دعم قضية ذكرى ضحايا الحرب. منها ما تم اعتماد الفيفا له وهو دقيقة الصمت قبل انطلاق المباراة”.
السجال استمر حتى سمح الفيفا للمنتخب الإنجليزي بحل وسط، هو ارتداء ربطات سوداء على الذراع تحمل شعار الوردة الحمراء، والدخول للملعب بسترات تحمل ذات الشعار، إضافة لدقيقة صمت.
الوردة الحمراء ظاهرة في البريميرليج
وعلى النقيض من ذلك، فإن الوردة الحمراء والتي ترمز لذكرى ضحايا الحرب، والتي رفض الفيفا أن يرتديها منتخب إنجلترا في لقاء ودي، نجدها تزين صدور قمصان لاعبي أندية البريميرليج في نوفمبر من كل سنة إحياء للذكرى، وتصاحبها فعاليات وحملات لذات الغرض وبتنظيم من رابطة الدوري وليست قراراً فردياً من أحد الأندية.
برشلونة والاستقلال عن إسبانيا
أما في إسبانيا، فلا يخفى على الجميع حجم رسائل الدعوة إلى الاستقلال التي يبثها ناديي برشلونة وأتلتيك بلباو ممثلين بجمهوريهما ومسؤوليهما ويمتد الأمر للنادي بصفته الاعتبارية. ففي مطلع هذا الموسم قدم نادي برشلونة طلباً رسمياً لرابطة الدوري ليرتدي وللمرة الأولى في تاريخه الزي الاحتياطي في مباراة يستضيفها ملعبه وذلك كي يتسنى له لبس الطقم الاحتياطي ذو اللونين الأصفر والأحمر والذي يمثل علم إقليمه كاتالونيا في المباراة التي صادفت الذكرى المئوية الثالثة لنهاية حصار برشلونة في سبتمبر 1714، وهو ما وافقت عليه الرابطة.
ولم يكتف برشلونة بارتداء الزي الرمزي في هذه المناسبة، بل جهز علماً ضخماً يحمل شعار الذكرى في واجهة الملعب في المباراة ذاتها ضد أتلتيك بلباو، والتي تحولت إلى حدث سياسي أكثر من كونه كروي.
حملات “أنا تشارلي” تجتاح أوروبا
وفي الموسم الحالي كذلك، وبعد اقتحام مقر صحيفة تشارلي هيبدو الفرنسية ومقتل عدد من منسوبيها تسابقت الأندية الفرنسية وكذلك الأوروبية لارتداء شعارات تضامنية قبل وخلال وبعد المباريات. وهي قضية تعتبر سياسية كذلك.
محلياً .. ليست جديدة
ومحلياً، ليست هذه المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذه المبادرات. فقد اعتدنا أن تقف أنديتنا مع قياداتها ووطنها في كل الظروف، وعرف عنها ارتداء قمصان قبل وبعد المباريات تحمل صور ورسائل للدولة والقيادة. آخرها ما شهدناه الموسم الماضي في اليوم الوطني حين وضع النادي الأهلي عبارة “دام عزك يا وطن” حين كان قميصه لا يحمل شعاراً لشركة راعية.
أخيراً، ومن خلال قرائتنا ومتابعتنا، نعتقد وأنه طالما أن الرسالة الموجهة ليست استفزازية لطرف دون آخر، وطالما أنها في مسابقة محلية، والجهة المنظمة على علم بها وبآثارها، فإنه لا يوجد خرق للأنظمة. فالوقوف مع جنود الوطن في عاصفة الحزم واجب وطني لا يختلف عليه اثنان.
ننتظر سماع ارائكم حول القضية، شاركونا رأيكم عبر كتابة تعليقاتكم في الأسفل أو عبر حساباتنا في شبكات التواصل المختلفة.
من مُحرر زميل .. سلمت يداك
مقال ممتاز بكل شيء .. استمر.