دفعت أندية كرة القدم الكبرى في تركيا ثمن طموحاتها للظهور بين صفوة أندية العالم غالياً إذ باتت تعاني حالياً من عواقب الإنفاق الضخم في السنوات الماضية.
وقد يواجه غلطة سراي وهو واحد من أكبر ثلاثة أندية في اسطنبول عقوبة من الاتحاد الأوروبي للعبة هذا الشهر بسبب عجزه عن تطبيق “قواعد اللعب المالي النظيف” في ظل خسائره المالية بينما نالت أندية أخرى تحذيرات بسبب مستويات ديونها.
وربما تعرقل هذه الأزمات طموحات تركيا التي تسعى لأن تصبح واحدة من أكبر 4 بطولات للدوري في العالم بحلول 2020. ويأتي هذا في إطار تطلعات أكبر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيادة تأثير بلاده عالمياً واحتلال مركز بين أفضل 10 قوى اقتصادية في العالم بحلول 2030 وهي خطط يبدو أنها تواجه صعوبات أيضاً.
وفي حديث لوكالة رويترز، قال توجرول اكسار المتخصص في اقتصاديات كرة القدم والكاتب في صحيفة دنيا الاقتصادية اليومية: “كرة القدم تعكس الحياة ومهما كانت الشخصية التركية فإنها تظهر في الملعب وفي الأندية وفي السياسة.” وأضاف “اعتاد الأتراك التعايش مع الأزمات وايجاد الحلول ونتعامل بمنطق أن المشاكل ستحل مع المضي قدماً إلى الأمام.”
وقد تشكل عقوبة الاتحاد الأوروبي ضربة جديدة لسمعة كرة القدم التركية والتي تضررت من فضيحة تلاعب في نتائج مباريات في 2011.
وعجزت كرة القدم التركية عن البناء على النجاح الذي حققه غلطة سراي عندما توج بكأس الاتحاد الأوروبي عام 2000 وبعد وصول المنتخب الوطني لقبل نهائي كأس العالم 2002 وبطولة أوروبا 2008.
وتتزايد الضغوط على الحكومة للتدخل لدعم الأندية في دولة يعرف عن سكانها عشقهم الكبير لكرة القدم ويقودها اردوغان الذي مارس اللعبة بشكل شبه احترافي في فترة شبابه ويتابع المباريات بشغف.
وترك الاسراف في الإنفاق على شراء لاعبين بارزين وهياكل الملكية الغامضة – التي أدت لاستثناء الأندية من مراقبة القانون التجاري – 18 ناديا في الدوري الممتاز التركي مثقلة بأعباء ديون تبلغ 4.2 مليار ليرة (1.4 مليار دولار) نصفها تقريبا للبنوك حسب ما أوردت وكالة رويترز.
وأقر جوكسيل جوموسداج رئيس رابطة الأندية التركية بأن بعض الأندية تحقق إيرادات ضخمة لكنها تفتقر إلى الانضباط المالي.
وتحدث دورسون اوزبك رئيس غلطة سراي لرويترز قائلاً “تقدر خسائرنا بنحو 164 مليون يورو (179 مليون دولار) في آخر 3 مواسم وتخطينا حدود الاتحاد الأوروبي والآن نسعى لبذل قصارى جهدنا لتجنب العقوبة.” وأضاف “نسعى لخفض الخسارة السنوية إلى 10 ملايين يورو ونعمل وفقا لخارطة طريق”.
وقد تمثل عقوبة الإيقاف ضربة قوية لغلطة سراي بطل الدوري 20 مرة والذي ظهر خلال 3 أعوام متتالية في تقرير شركة ديلويت للاستشارات المالية ضمن أكثر 20 ناديا تحقيقا للإيرادات قبل أن يخرج من قائمة العام الجاري.
وكان غلطة سراي النادي الوحيد من خارج أكبر 5 بطولات للدوري في اسبانيا وانجلترا والمانيا وايطاليا وفرنسا الذي دخل القائمة بفضل ايرادات استاد ترك تيليكوم ارينا الذي تزيد سعته على 50 الف متفرج.
ووفقا لديلويت فإن الايرادات انخفضت إلى 159.1 مليون يورو في 2015 مقابل 161.9 مليون يورو في 2014.
ورغم خسائره الكبيرة واصل النادي الإنفاق حيث تعاقد مع المدرب الجديد مصطفى دينزلي مقابل 4.5 مليون دولار وضم اثنين من اللاعبين الجدد بإجمالي 4.5 مليون يورو في الأشهر الأخيرة.
كما أنفق الغريم فناربخشه الذي يقع مقره في الجزء الآسيوي من اسطنبول أموالاً طائلة في الصيف الماضي للتعاقد مع أسماء لامعة مثل الجناح البرتغالي ناني والمهاجم الهولندي روبن فان بيرسي.
وتنبع إيرادات الأندية التركية بشكل كبير من حقوق البث التلفزيوني حيث دفعت شركة ديجيترك المحلية 321 مليون دولار في 2010 لتوقيع عقد مع رابطة الدوري التركي الممتاز في 2010 للحصول على الحقوق لمدة 5 أعوام قبل أن يمدد العقد لعامين إضافيين، في حين سيتم طرح مناقصة جديدة في يونيو 2017.
كما تعتمد الأندية الثلاثة الكبرى في اسطنبول على متاجر منتشرة في أنحاء البلاد لبيع ملابس وأدوات تحمل شعار الأندية لكن ايراداتها لا تكفي لتغطية الخسائر.
ويقترح اكسار أن تؤسس الحكومة شركة لإدارة الأصول لإعادة هيكلة الديون ووضع إطار قانوني لتجنب الإسراف في النفقات. وتابع “بخلاف ذلك ستخسر هذه الأندية القدرة على التنافس رياضيا على المدى المتوسط والطويل.”
وقال عاكف جاغاطاي قليج وزير الشباب والرياضة التركي خلال مؤتمر صحفي قبل أيام إن الحكومة تعمل وفقا للقانون وإن هناك حاجة ماسة لتحديد إطار قانوني قوي “لضمان إنفاق الايرادات بشكل صحيح.”
وأعلن غلطة سراي أن الخسارة الصافية بلغت 87.5 مليون ليرة خلال العام حتى نهاية مايو 2015 بينما خسر فناربخشه 181.2 مليون ليرة. فيما بلغت خسائر بشيكتاش وطرابزون سبور 140.5 و104 مليون ليرة.
ويرى فكرت أورمان رئيس بشيكطاش أن الطموحات الهائلة لهذه الأندية جزء من المشكلة. حيث قال خلال مؤتمر صحفي قبل أيام “نحن ندير هذه الأندية لفترة من الوقت ولا نمتلكها وبعد تحقيق أهداف شخصية وصنع شعبية لبعض الأفراد تبدأ الأندية في التضرر”.